كنت افتخر – ومازلت – انني احمل بطاقة انتخابية منذ عام
2000 .. طبعا شعرت انني شخص فعال في مجتمع لا يحمل ربما عُشره هذه البطاقة ..
واتذكر يوم ان تكبدت عناء استخراجها وذهبت انا واحدي زميلاتي الي قسم الشرطة
لاستخراجها .. وسألنا يومها ضابط الشرطة
بتعجب .. لماذا تريدان استخراج بطاقة انتخاب ؟؟ فأجبنا بكل بساطة .. لننتخب
.. لندلي بصوتنا في الانتخابات القادمة .. فسأل سؤالا اخر .. هل انتما منضمتان
للحزب الوطني ؟؟ وعندما اجبنا بالنفي ابتسم ابتسامة ظننا وقتها انها ابتسامة تشجيع
لنا وسعادة بنا ولكننا اكتشفنا لاحقا انها ابتسامة شفقة علي وقتنا ووقته الذي
سيضيع هباءا ..
في هذا العام .. 2000 كانت المرة
الاولي التي ادلي بصوتي فيها ورغم يقيني ان الانتخابات مزورة الا انني كنت احرص
علي الذهاب فلا اجد طابورا ولا اجد حبرا سريا واجد صندوقا فارغا الا من بعض
الوريقات واشخاصا ينظرون لي نظرات ريبة فلا اجد من يبتسم لي ولا مش يشجعني علي
الادلاء بصوتي وهو الامر النادر حينها
كنت لا اعرف اسماءا سوي من ينتمون
للحزب الوطني فكنت اجري بعض الاتصالات قبلها بايام لاعرف اسماء اكثر المعارضين
شراسة واكثر من يكرههم اعضاء الحزب الوطني – ورغم علمي انها انتخابات مزروة الا
انني كنت اكتفي بفكرة ان يقرأ بعضهم بطاقتي فيغتاظ ان احدا ما معرضا لهم قرر فقط
انت ينتخب غيرهم .. ولاني لم اكن اري سوي نفسي في مقر اللجنة فلم اكن اكترث
للنتيجة سوي انني افعل ما يمليه عليٌ ضميري باعتبارها – وهذا ما اعتقده – شهادة
وتبعتها انتخابات اخري
وجاء عام 2005 لافخر مرة اخري
انني وبضع زملاء لا يتعدي عددهم اصابع اليد الواحدة من نحمل بطاقات انتخابية وكانت
من ضمنهم زميلة قدمت الينا حديثا.. وبدأت مشاوراتي واتصالاتي التقليدية لأقرر من سانتخب هذه المرة فاقترحت عليٌ ان
انتخب عضو الاخوان المسلمون وعندما ظهرت علي بوادر التفكير في كلامها فاجاتني في
اليوم التالي باوراق وخطط ومطويات تتحدث عمن " يحمل الخير لمصر" .. وكانت من حين لاخر تقول جملة اشتهرت الان ولم
تكن منتشرة وقتها .. وهي " علي فكرة
انا مش اخوان بس بحب الاخوان " لاكتشف بعدها انها عضو نشط .. وفكرت تلك
الايام – وكان قد ذاع صيت الاخوان قليلا – فكرت من سيكره اعضاء الحزب الوطني ان
يروا اسمه علي بطاقة اقتراعي .. وهكذا نويت وانتخبت عضوا فنجح واصبح من مجموعة ال
88 وها هو اليوم مرشد عام السويس ..
وكررت الامر في الانتخابات الهزلية عام 2010
كنت اري انني اضع حجر عثرة امام
الحزب الوطني وانه مهما زوٌر في ارادة الناخبين الا انه في قرارة نفسه يدرك انه
مكروه وغير مرغوب فيه .. وكنت اتصور ان مجرد قراءة اعضائه لبطاقة اقتراعي مكتوبا
عليها اسم من غير عشيرتهم J
فسيجعلهم ذلك ربما يهتمون اكثر بأي شئ .. وكنت اعتقد ايضا ان المقاومة حتي ولو
قليلة سوف تؤثر حتما علي اتجاه مجري النهر .. وكنت احاول منعهم من التمادي في
الظلم .. الظلم بالاغترار بالكثرة والثقة والنفوذ وطاعة الاخرين ونفاقهم لهم
ابيت ان اكون في قاطرة المنافقين
.. وما اكثرهم ..
رأيت وقتها ومازلت اري ان الانسان
المصري "الفرعون كما يطلقون عليه " يكون كريما وعطوفا وعاقلا ويلتزم
جانب الحق والصواب والرأي السديد فقط ان كان مظلوما او قليل الحيلة او يجد من
يجابهه الراي بالراي والحجة بالحجة في قوة متوازنة او اكثر ..فوقتها يتذكر انه هناك اله سوف يحاسب
ورسول كريم سوف يشفع او لا يشفع وهناك اناسا لهم حقوق كما عليهم واجبات ..
وجاءت انتخابات الثورة .. لنجد
سجين الامس هذا المبتسم في انصياع والمطأطئ رأسه في خنوع المصلي الصادق المتصدق
المنادي بالحق والفضيلة والعدل .. نجده وقد اصبح هو الاقوي في لحظة من لحظات الله
لاختبار عباده .. فاجد ان كل تلك الصفات .. الكرم والعطف والعقل والاتزان والتظام
جانب الحق والصواب اجدها وقد انقلبت وكانها اقنعة تتبدل ..
فاجد سجين الامس مظلوم الامس قد درات
دائرته ليصبح في قوة تفتح له ابواب الغرور والكبر كمان كان سلفه .. وقد اعجبه هذا
القناع الجديد ولبسه وكانه مخلوق له ونسي في لحظة ان تلك الاطلال التي يقف عليها
انما هي اطلال اسلافا سلكوا مسلكا ينوي ان يسلكه اودي بهم ..
وتلوح في الافق انتخابات جديدة ..
وكانها مباراة يلعب فيها كل متبارٍ دوره حسب لون ما يرتديه من قميص اللعب .. فمن
سيضرب الكرة وفي اي اتجاه ....
الاخلاق والافكار والمبادئ تتبدل كما يبدلون ملابسهم ..
اما انا فمبادئي خلقها الله تحت
جلدي
فكما انتخبتهم يوما كانوا نزلاء
السجون ..ولم اندم
لن انتخبهم اليوم وهم يرتدون اقنعة سجانيهم ..
ولن اندم
وها انا اابي ان اكون في قاطرة
المنافقين مرة اخري.. وما اكثرهم ..